سورة الأعراف - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)} [الأعراف: 7/ 73- 79].
هناك تشابه واضح بين رسالتي هود وصالح عليهما السّلام اللذين كانا عربيّين كإسماعيل وشعيب، وبين أقوامهما وهم عاد وثمود من سلالة نوح عليه السّلام، ومن العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السّلام. وكانت ثمود تسكن بعد عاد بالحجر بين الحجاز والشّام. وأخوة صالح لقومه ثمود كأخوة هود لقومه عاد أخوة قرابة ودم لا أخوة دين وإيمان، وكانت قبيلة ثمود مثل قوم نوح وعاد تدين بعبادة الأصنام يشركونها مع اللّه في العبادة، وآتاهم اللّه نعما كثيرة، فأرسل اللّه إليهم صالحا نبيّا ورسولا عليه السّلام، واعظا ومذكّرا لهم بنعم اللّه وآياته الدّالة على توحيده، وأنه يجب إفراده بالعبادة.
قال صالح لقومه: يا قوم اعبدوا اللّه، ليس لكم إله غيره، قد جاءتكم حجة أو موعظة واضحة من ربّكم تدلّ على صدق رسالتي، وهي هذه الناقة بناء على اقتراحكم، لكم آية خاصة دالّة على صدقي، لأنكم المشاهدون لها وحدكم، فاتركوها تأكل في أرض اللّه، ولا تتعرّضوا لها بسوء، فيصيبكم عذاب أليم. وكانت هذه النّاقة تقاسم ثمود في الماء يوما بيوم، فكانت ترد ماء بئر فتشربه كله، ويحلبون منها ما شاؤوا، ثم تمكث يوما، وترد بعد ذلك غبّا، فاستمرّ ذلك ما شاء اللّه، حتى ملّتها ثمود وقالوا: ما نصنع باللبن؟ الماء أحبّ إلينا منه، فتمالؤوا على قتل النّاقة.
وأضاف صالح قائلا لقومه: تذكروا نعمة اللّه عليكم حين جعلكم خلفاء في الأرض، من بعد قوم عاد في الحضارة والعمران، وأورثكم أرضهم، فبنيتم القصور الشاهقة في السهول، وتنحتون البيوت في الجبال، وآتاكم القوة والصّبر، فاذكروا نعم اللّه عليكم، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها.
فأجابه الملأ (وهم أشراف القوم) المتكبّرون من قومه للمستضعفين الذين آمنوا منهم: أتعلمون أن صالحا مرسل من عند ربّه؟ والعادة المتّبعة: أن الأنبياء يتبعهم الضعفاء، ويكفر بهم القادة والزعماء. فقال المستضعفون المؤمنون: إننا مؤمنون مصدّقون بما أرسل به صالح من ربّه. قال أشراف القوم المستكبرون: إننا كافرون بما آمنتم به، ولم يصرّحوا بالرسالة التي جاء بها صالح، حتى لا يقرّوا بها ظاهرا.
وأظهروا أفعالهم المكفرة، فعقروا الناقة بتواطؤ بينهم، وعقرها قدار بن سالف الأحمر الأزرق أشقى ثمود، وتمرّدوا واستكبروا عن امتثال أمر ربّهم الذي أمرهم به صالح، وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا به من العذاب إن كنت رسولا من عند اللّه، فأخذتهم الرجفة أو الصيحة أو الصاعقة أو الطاغية وهي صيحة شديدة القوة، اضطربت الأرض من هولها وتصدّعت مبانيها، وارتجفت لها الأفئدة، فأصبحوا في ديارهم موتى جثثا هامدة لا حراك لها.
فأعرض عنهم صالح عليه السّلام بعد أن أبصرهم جاثمين، يملأ قلبه الحزن والتّحسر على ما أصابهم، وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربّي وبذلت غاية جهدي في نصحكم، ولكنكم لا تحبّون النّاصحين، فوجب لكم العذاب، وحقّ عليكم العقاب. وهذا تقريع لهم على تمرّدهم ليكون ذلك عبرة لغيرهم.
رسالة لوط عليه السّلام إلى قومه:
لم يترك اللّه تعالى قوما أو أمة من غير رسول ينذرهم ويبشّرهم: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ} [فاطر: 35/ 24] لذا أرسل اللّه تعالى لوطا عليه السّلام في عصر إبراهيم عليه السّلام، لإنذار أمة تسمى سدوم قرب البحر الميت أو بحر لوط، ومن أجل استئصال المفاسد والمنكرات التي شاعت فيهم، قال اللّه تعالى:


{وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)} [الأعراف: 7/ 80- 84].
لوط عليه السّلام: هو لوط بن هاران ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السّلام، آمن بإبراهيم واهتدى بهديه، كما قال اللّه تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي} [العنكبوت: 29/ 26] وتبع إبراهيم في رحلاته فيما بين النّهرين، ثم مصر، ثم بلاد الشّام، حيث فارق إبراهيم عمه، وسكن في سدوم في شرقي الأردن.
وكان أهل سدوم يعملون الخبائث دون حياء ولا عفّة، وأمام الناس، ويقطعون الطريق على التّجار، ويأخذون بضائعهم، كما قال اللّه تعالى على لسان لوط عليه السّلام لقومه: {أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: 29/ 29].
وابتدأت القصة على هذا النحو: واذكر يا محمد لوطا حين قال لقومه باستفهام على جهة التوبيخ والتشنيع: أتأتون الفاحشة: وهي إتيان الرجال في الأدبار؟! وروي: أنه لم تكن هذه المعصية في أمم قبلهم، لذا قال لهم: ما فعلها أحد قبلكم في أي زمان، بل هي مبتدعة منكم، وعليكم وزر كل من يفعلها في المستقبل لأنّ من سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا دليل على أن تلك الفاحشة أمر مناقض للفطرة.
وأكّد لوط عليه السّلام قوله مقرّعا وموبّخا توبيخا شديدا: إنكم لتأتون الرجال شهوة متجاوزين النّساء اللواتي هنّ محل قضاء الشهوة بحسب الفطرة السليمة، بل إنكم لا تستحون من فعلكم، فإنكم قوم عادتكم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، كما قال تعالى في آية أخرى: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ} [الشّعراء: 26/ 166] أي في جمعكم إلى الشّرك والوثنية هذه الفاحشة. وفي آية ثالثة: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [النّمل: 27/ 55] وهذا دليل على إسرافهم في اللذات، وتجاوزهم حدود الفطرة والعقل، وجهالتهم عواقب الأمور، فهم لا يقدرون ضرر ذلك على الصحة والحياة، فهو مرض مميت، كما دلّت إحصاءات موتى الإيدز (فقد المناعة) في الحاضر أكثر من مائة ألف، وفي نهاية القرن العشرين أربعة ملايين، دون اكتشاف علاج له.
وما كان جواب القوم على إنكار لوط عليه السّلام ونصحه لهم يدلّ على النّدم والرجوع عن الخطأ والضّلال وإنكار الفاحشة وتعظيم أمرها، وإنما هموا بإخراج لوط ونفيه ومن معه من المؤمنين تضجّرا منهم ومن سماع مواعظهم قائلين: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ} أي أخرجوا لوطا وأتباعه من البلد، فإنهم أناس يتنزهون عن مشاركتكم في فعلكم وعن الفواحش وعن أدبار الرجال والنساء. وهذا صادر منهم على سبيل السخرية بهم والتّهكم، والافتخار بما كانوا فيه من القذارة.
وكانت العاقبة أن اللّه تعالى نجّى لوطا وأهل بيته الذين آمنوا معه، إلا امرأته، فإنها لم تؤمن، فكانت من جماعة الهالكين الباقين مع قومها في العذاب ولأنها كانت على دين قومها الوثني، تمالئهم عليه، وتخون لوطا بإعلامهم بمن يقدم عليه من الضيوف بإشارات بينها وبينهم.
والعذاب هو إمطارهم بمطر كثير عجيب أمره وهو الحجارة التي رموا بها، فانظر أيها السامع كيف كان عاقبة الذين أجرموا واجترؤوا على معاصي اللّه عزّ وجلّ، وتكذيب رسله، وكل ذلك للعظة والعبرة، قال تعالى في آية أخرى: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)} [هود: 11/ 82- 83].
رسالة شعيب عليه السّلام إلى قومه:
كانت بلاد الشام والعرب مهبط الأنبياء والرّسل والكتب الإلهية، فهي بلاد مباركة في وسط العالم القديم، من أجل جعلها مركز إشعاع بالقيم العليا للعالم أجمع، ولتنقية الأجواء والمناخ والتهيئة لشريعة الإسلام وخاتمة الشرائع الإلهية، لذا أرسل اللّه شعيبا عليه السّلام الرّسول العربي إلى أهل مدين قرب معان جنوب شرقي الأردن على طريق الحجاز من الشام. قال اللّه تعالى:


{وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (87)} [الأعراف: 7/ 85- 87].
أرسل اللّه تعالى شعيبا الملقب بخطيب الأنبياء عليه السّلام، ومن أنبياء العرب إلى بلد أو قطر مدين، وتميّزت رسالته الإصلاحية الاجتماعية بمميزات كثيرة، ومعنى الآيات: لقد أرسلنا إلى قبيلة مدين شعيبا نبيّا فيهم وواحدا منهم، فقال لهم: يا قوم اعبدوا اللّه وحده لا شريك له، فليس لكم إله غيره، وهو الذي خلقكم وخلق كل شيء لكم. وهم أصحاب الأيكة في رأي ابن كثير الدّمشقي من المفسرين.
لقد جاءتكم آية بيّنة واضحة من ربّكم، دالّة على صدقي ونبوّتي، فأوفوا الكيل والميزان بالحق والعدل، ولا تنقصوا الناس شيئا من حقوقهم، في بيع أو شراء، أو حق مادّي أو معنوي، وإياكم أن تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها بأي نوع من أنواع الفساد كالظلم والرّشوة وأكل أموال الناس بالباطل وارتكاب الفواحش وإشاعة الانحلال الخلقي، ذلكم المنهي عنه إذا تركتموه نافع لكم عند اللّه، مكسب الفوز والرّضوان، بشرط الإيمان والتوحيد، وإلا فلا ينفع عمل بدون إيمان.
وإياكم أن تقعدوا في الطرقات لصدّ الناس عن دين اللّه، فإنهم كما قال ابن عباس: كانوا يجلسون في الطريق، فيقولون لمن أتى إليهم: إن شعيبا كذّاب، فلا يفتننكم عن دينكم، ويقولون أيضا: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ} [الأعراف: 7/ 90].
لا تصدوا عن سبيل اللّه من آمن به من الناس، ولا تطلبوا اعوجاجا لسبيل اللّه ودينه بما تصفون وبما تكذبون وتشوهون الحقائق.
واذكروا نعم اللّه عليكم حين كنتم قلة في المال والرجال والسّطوة، فكثّركم بعد قلّة، وأغناكم بعد فقر، ومنحكم القوة والجاه بعد الضعف والمذلّة، واتّعظوا بمن كان قبلكم، وانظروا كيف كان مصير المفسدين الظالمين من قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط.
وإذا كان جماعة منكم آمنوا برسالتي وصدقوا بنبوتي، واعتقدوا بوحدانية اللّه تعالى، وجماعة آخرون لم يؤمنوا برسالتي، كما هو شأن أتباع كل نبي، إن كان هذا فاصبروا أيها الكفرة حتى يحكم اللّه بيني وبينكم، بأن ينصر المحقّين على المبطلين، واللّه خير الحاكمين بالعدل، وهذا تهديد ووعيد لهم بانتقام اللّه منهم، وجعله العاقبة للمتقين والدّمار للكافرين لأن حكم اللّه حقّ وعدل، لا يخاف فيه الحيف أو الظلم.
وحكم اللّه بين عباده نوعان: حكم يوحي به إلى رسله، كما في قوله تعالى في أول سورة المائدة: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ} وحكم يفصل فيه بين الخلائق إما في الدنيا وإما في الآخرة، كما في قوله تعالى في آخرة سورة يونس: {وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ}.
وحكم اللّه مبرم، لا رادّ له، ولا نقض له ولا تراجع عنه، فهو حكم نهائي حاسم، وكفى بذلك تهديدا وإنذارا للعصاة والكفار، حيث لا عدول عن حكم اللّه الباتّ فيهم. نسأل اللّه العفو والعافية.
مصير قوم شعيب:
لم يقتصر شعيب عليه السّلام على مجرد عرض دعوته السّمحة: دعوة الإنقاذ، وإنما كان يحاور القوم ويحاول إقناعهم بشتى الوسائل، حتى يعودوا لطريق الاستقامة، والإقلاع عن عقيدة الوثنية والشّرك وإصلاح النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم بين القوم على الظلم والغبن والاستغلال وإنقاص المكيال والميزان، ولكنهم أصرّوا على ما هم عليه من الضّلال، فعوقبوا بالاستئصال والزّلزلة. قال اللّه تعالى:

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11